بين الحبيبة والأسير
لامته الحبيبة عندما زارته في معتقله السياسي، بعد أن عُرض عليه الإفراج مقابل التنازل عن بعض مواقفه فأبى، فقال مقوياً صمودها وروحها المعنوية:
كُفّي الملامةَ واحذري التكرارا / إنّي مللتُ اللومَ والإنذارا
لا تحسبي نفسي تغادر طبعها / عَذْلُ الرجال يزيدهم إصرارا
لا، لستُ أنكر أن حبّكِ شدّني / وشَغَفْتِ منّي القلبَ والأوتارا
وسعيتُ حتى صِرْتِ لي رغمَ العِدا / وركبتُ في درب الهوى الأخطارا
لكنّ حبّي كان وحيَ كرامةٍ / تأبى الهوانَ وتقبل الإيثارا
لا تسرفي باللوم، أنتِ حبيبتي، / ما نفعُ حبٍّ إذْ يكون حصارا؟!
ما كان عندي الحبّ فعْلَ تملّكٍ / فالحبّ يعني السادةَ الأحرارا
لا أرتضي بالذلّ كُرْمى للهوى/ فالحرّ لا يرضى القيودَ سوارا
ولقد عشقْتُكِ جوهراً متمرّداً / ما كان حُسْنُكِ حليةً وإزارا
مثلُ الربيعِ يدي.. لَمَسْتُكِ فازدهى/ فيكِ الجمالُ مشعشعاً فوّارا
ورسمْتُ شكلَكِ جنّةً فوّاحةً / وزرعتُ فيكِ النورَ والنوّارا
فسطعتِ في الدنيا ضياءَ كواكبٍ / أهدتْ ليالي العاشقين نهارا
أيقظتُ فيكِ مواهباً ما كُنْتِها / وبعثتُ فيكِ الخصبَ والإزهارا
ورضيتُ منكِ الكِبْرَ، قلتُ تدلّلي / منّي خلقتكِ مارداً جبّارا
. . .
أحبَبْتِني نسراً فما بال التي/ تهوى النسورَ تريدني منهارا؟!
أدمى فؤادي أن تلومي موقفي / هلْ ترغبينَ الخانعَ الخوّارا؟!
أغراكِ صمتي فافترضْتِ تراجعي / لا تحسبي صمتَ الأبي إقرارا!
إنّي أقدّرُ فيكِ خوفَ حبيبةٍ / وكمِ الْتمستُ للومكِ الأعذارا
لا تجعلي بين القضيةِ والّتي / أهوى، وروحي والفؤادِ، خيارا
حبّ العروبةِ مثلُ حبّكِ في دمي / لا يملكُ الإنسانُ فيه قرارا
قدري هواكِ ومِثْلُ أمّي أمّتي / هل أستطيعُ من المصير فرارا؟!
. . .
لا تقنطي فالأسر كرْبٌ عارضٌ / مهما تمادى واستطال جدارا
إنْ تُحبسِ الأمْواهُ عن جريانها / بين الصخور تفجّرتْ أنهارا
وتفاءلي فالداكناتُ بأرضنا / هذي الغيومُ، ستُغدقُ الأمطارا
مهما يطول الليل.. صبحٌ قادمٌ / يطوي الظلامَ وينشرُ الأنوارا
عُقْبَ الشتاءِ هنا ربيعٌ عارمٌ / ومن الهشيمِ يفتّقُ الأزرار
إنْ كان ضاقَ الحالُ في أوطاننا / عزمُ الشعوبِ سيهدمُ الأسوارا
. . .
لا تُطرقي بالرأس بل هيّا اشمخي/ واملي الْوجودَ تباهياً وفَخارا
وتطاولي نحو السماء عزيزةً / وعلى اللواحظِ فارسمي الإكبارا
ما كان فارسكِ الأسير صنيعةً / بل في الشدائد حازماً مغوارا
إنّا عشقنا المجد منذ طفولةٍ / ولقد أتينا للحياةِ كِبارا!
مجدُ العروبةِ والحبيبة مبدأي / أعلنتهُ بين الأنام جهارا
أنا للمحبةِ والعروبةِ والعُلا / أعطيتُ عمري طائعاً مختارا
د. خالد الناصر
لامته الحبيبة عندما زارته في معتقله السياسي، بعد أن عُرض عليه الإفراج مقابل التنازل عن بعض مواقفه فأبى، فقال مقوياً صمودها وروحها المعنوية:
كُفّي الملامةَ واحذري التكرارا / إنّي مللتُ اللومَ والإنذارا
لا تحسبي نفسي تغادر طبعها / عَذْلُ الرجال يزيدهم إصرارا
لا، لستُ أنكر أن حبّكِ شدّني / وشَغَفْتِ منّي القلبَ والأوتارا
وسعيتُ حتى صِرْتِ لي رغمَ العِدا / وركبتُ في درب الهوى الأخطارا
لكنّ حبّي كان وحيَ كرامةٍ / تأبى الهوانَ وتقبل الإيثارا
لا تسرفي باللوم، أنتِ حبيبتي، / ما نفعُ حبٍّ إذْ يكون حصارا؟!
ما كان عندي الحبّ فعْلَ تملّكٍ / فالحبّ يعني السادةَ الأحرارا
لا أرتضي بالذلّ كُرْمى للهوى/ فالحرّ لا يرضى القيودَ سوارا
ولقد عشقْتُكِ جوهراً متمرّداً / ما كان حُسْنُكِ حليةً وإزارا
مثلُ الربيعِ يدي.. لَمَسْتُكِ فازدهى/ فيكِ الجمالُ مشعشعاً فوّارا
ورسمْتُ شكلَكِ جنّةً فوّاحةً / وزرعتُ فيكِ النورَ والنوّارا
فسطعتِ في الدنيا ضياءَ كواكبٍ / أهدتْ ليالي العاشقين نهارا
أيقظتُ فيكِ مواهباً ما كُنْتِها / وبعثتُ فيكِ الخصبَ والإزهارا
ورضيتُ منكِ الكِبْرَ، قلتُ تدلّلي / منّي خلقتكِ مارداً جبّارا
. . .
أحبَبْتِني نسراً فما بال التي/ تهوى النسورَ تريدني منهارا؟!
أدمى فؤادي أن تلومي موقفي / هلْ ترغبينَ الخانعَ الخوّارا؟!
أغراكِ صمتي فافترضْتِ تراجعي / لا تحسبي صمتَ الأبي إقرارا!
إنّي أقدّرُ فيكِ خوفَ حبيبةٍ / وكمِ الْتمستُ للومكِ الأعذارا
لا تجعلي بين القضيةِ والّتي / أهوى، وروحي والفؤادِ، خيارا
حبّ العروبةِ مثلُ حبّكِ في دمي / لا يملكُ الإنسانُ فيه قرارا
قدري هواكِ ومِثْلُ أمّي أمّتي / هل أستطيعُ من المصير فرارا؟!
. . .
لا تقنطي فالأسر كرْبٌ عارضٌ / مهما تمادى واستطال جدارا
إنْ تُحبسِ الأمْواهُ عن جريانها / بين الصخور تفجّرتْ أنهارا
وتفاءلي فالداكناتُ بأرضنا / هذي الغيومُ، ستُغدقُ الأمطارا
مهما يطول الليل.. صبحٌ قادمٌ / يطوي الظلامَ وينشرُ الأنوارا
عُقْبَ الشتاءِ هنا ربيعٌ عارمٌ / ومن الهشيمِ يفتّقُ الأزرار
إنْ كان ضاقَ الحالُ في أوطاننا / عزمُ الشعوبِ سيهدمُ الأسوارا
. . .
لا تُطرقي بالرأس بل هيّا اشمخي/ واملي الْوجودَ تباهياً وفَخارا
وتطاولي نحو السماء عزيزةً / وعلى اللواحظِ فارسمي الإكبارا
ما كان فارسكِ الأسير صنيعةً / بل في الشدائد حازماً مغوارا
إنّا عشقنا المجد منذ طفولةٍ / ولقد أتينا للحياةِ كِبارا!
مجدُ العروبةِ والحبيبة مبدأي / أعلنتهُ بين الأنام جهارا
أنا للمحبةِ والعروبةِ والعُلا / أعطيتُ عمري طائعاً مختارا
د. خالد الناصر
تعليقات
إرسال تعليق