التخطي إلى المحتوى الرئيسي

#رسالة من الجبهة

تحية عطرة من القلب لكل من شارك في ملحمة تحرير سيناء.
رسالةُ من الجبهةً
الليل يسدل ستاره, يخيم على كل الأرجاء, حتى يحجب الرؤية تماماً.. ما الذي يراه المرء ليلاً في الميدان, لم يصادف إلا أشباحاً يصطدم بها وتصطدم به, عتمة الدبابات المدمرة والمدافع الباردة وسلاسل الأنوار الخافتة, دوي الانفجارات يصم الأذن, والصمت الموهوم الذي يتخلله من حين إلى آخر إنفجار لغم أو إطلاق دفعة رشاشات صداها يقلب العتمة ليبدأ استطلاع صامت لعشرات من الجنود الأحياء مازالوا ناشبين أجسامهم بالحفر, وملطخين بالرمال والدماء التي تتناثر من الأجساد المبتورة .
ظل مكانه.. عيناه متسعتان يحدق بين الظلام تارة, وينصت بأذنه إلى أصوات متقطعة متفرقة تأتي من هنا وهناك تارة أخرى. تنبعث من داخله أنات خافتة أو محشرجة.
يتردد بين مقاومة النعاس في ضراوة.. مكث بعض الوقت منبطحاً, وملتصقاً بالأرض مرتاعاً ومنكمشاً خلف الدشمة الرملية, ولم يدر كم مضى عليه من الوقت.
منطوٍ على نفسه, نزفت الساعات وهو مستميت تتضاعف جهوده المتفانية في إصلاح جهاز اللاسلكي الذي يحمله. يلازمه كظله.. آخر رسالة تلقاها من صديق له.. حدثه بنبرة يصحبها صرخة ممزوجة بالفرح والبكاء معاً.
ــ عبرنا القناة, وحصلنا على أرض جديدة من العدو !!!
سقطت السماعة من يده, وسالت دموعه تنفجر كالنهر, وسجد لله شاكرا . طاردته الذكريات من جديد رغم صوت القنابل والدبابات المرعب.. أخذته ذكرياته بعيداً إلى خارج حدود المكان, ولأن الحرب محفوفة بالمخاطر إلا أن الحب أيضاً محفوف بالمخاطر..
تذكر آخر أجازة له كانت منذ ثلاثة أشهر وعدة أيام.. مكث بجوار ابنة عمه وخطيبته.. ضغط على يديها المدلاة بجوارها همس:
ــ هل تحبيني مثل ما أحبك !!
توقفت أناملها الممتدة.. شعرت ببرد جميل يسري بين العروق اللاهثة وأنعشها, واخفت وجهها في صدره وهي تتمتم:
ــ لا استطيع العيش بدونك.
فرأى عينيها تبرقان بريقاً خلابًا, انزلقت من عينيه دمعة ممزوجة بحبات الرمال, قبل أن يزيلها كان الجهاز يستقبل إشارته.
ــ انتصرنا.
بقلم الأديب/ مجدى متولى إبراهيم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طاب النسك

 طابَ النّسكُ وللقيامِ عزيمةٌ،  الخيطُ الأبيضُ مسكُه. ولقدومِ اللَّيلِ تترطَّبُ شفاهُ الدُّعاءِ بانَّ النِّصفَ لشطرِه الثَّاني، والعيدُ على مضاربِ التَّتمَّة. العراق: نعمه العزاوي.

ياأمة بدر

 يا أمة بدر متی النصر...؟ هذا محرم و سيحل صفر طال...ليلک يا أمتي متی الفجر... ؟ يا أمة اقرأ يا أمة القلم نفد المداد يا أمتي و جف الحبر... مصطفی زعبوب

ظمأ القلوب

 أسعد الله أوقاتكم بكل خير حياكم الله... من قصيدتي... ...ظمأ القلوب...  يافاتنَ الأرواحِ أطِف علينا بالأقداحِ...                           واسقِنا من خمورِ اللمى لذيذ الراحِ... يافاتنَ الأرواحِ هات الأحاديث عن                                   مريمٍ                              إنَّ أحاديث الهوى تجودُ بالإنشراحِ... هلهلتُ بذكرِ الحبيب وقلبي مُدنِفٌ...                            والحبيبُ مُنشغِلٌ مابينَ لَهوٍ ومزاحِ... يميسُ أدعج العينينِ في كعبةِ الحُسنِ...                            يَصّبُ الفُتاتَ باقات نرجسٍ بالأرداحِ... مازِلتُ أخلع في الليالي مَاذي خموركِ...                       حتى بدتْ ظبيتي تَهرعُ مُنقبةً بالوشاحِ... قهوةٌ في الكأسِ والعَطّار سَاقيها...                     شَربناها عقيقاً فأثملتْ بالعِشقِ كُل صاحِ... و مُنمنماتٍ أقبلنَ من هِيتٍ يتمايلنَ...                   كأميسٍ أهيَفٍ يَختالُ في روضةِ الصباحِ... ومريم بزغتْ كالمها في روابيها...                     تُبدي أسبابَ الهوى مابينَ سِّرٍ وإفصاحِ... فائِحة العبير بدرتْ في إحجَامِها...                     تمزجُ فرط ال