. تَاجُ اللَّيَالِي (1)
للشاعر الدكتور ابراهيم الفايز
قُمْ لّيْلَهَا عَابِدًا يُغْنِيكَ ما فِيهَا
عَنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَكَبُِرْ في لَيَالِيهَا
تَنَزَّل الرُّوحُ وَالْأَرْزَاقُ لَيْلَتَهَا
مُقَدَّرَاتٍ وَآجَالًا سَتَقْضِيهَا
فِيهَا قَضَىٰ اللّٰهُ ما شَاءَتْ إِرَادَتُهُ
مِنْهَا بِأَنْ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ مُغْنِيهَا
وَقَيَّدَتْ كُلَّ شَيْطَانٍ وَمَارِدِهِ
وَأُلْجِمَتْ كُلُّ أَفْوَاهٍ تُعَادِيهَا
— — —
عِشْرُونَ تَمضِي وَسَبْعٌ مِنْ مَرَاحِلِهَا
قُمْهَا ، عَليْكَ بِهَا ، وَاحْصِدْ لَآلِيها
مُنْذُ الْغُرُوبِ إلَى فَجْرٍ يُعَانِقُهَا
كَيْ تَسْتَفِيقَ عَلى عُرْسٍ يُبَاهِيهَا
فَإنَّ فيها مِنَ الْأَسْرَارِ ما خَفِيَتْ
عَنِ الْكَثِير ، فَلَمْ يَأتُوا مَعَانِيهَا
— — —
قُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا ، وَآيَتُها
أنْ تَطْلَعَ الشَّمْسُ طَسْتًا عِنْدَ رَائِيهَا
فَلا شُعَاعًا تَرَى فِيها إذا طَلَعَتْ
بَيْضَاءَ مُنْشَرِحًا فيها سَتَأْتِيهَا
قُمْهَا ، كَأَنَّكَ مِنْ رُوَّادِ لّيْلَتِهَا
مُرَابِطًا لَيْلَهَا وَاشْهَدْ مَرَاسِيهَا
قَدْ فُتِّحَتْ كُلُّ أَبْوابُ السَّمَا نُزُلًا
وَكَبَّرَتْ أَرْضُهَا حَمْدًا لِبَارِيهَا
جَمْعٌ كَأَنَّ الْحَصَى في الْعَدِّ زَاحَمَهُ
مِن الْمَلَائِكِ قَد ضَّجَّتْ تُنَاجِيهَا
وَانْظُرْ مَلائِكَةً جَاءَتْ مُلَبِّيَةً
بٍعَيْنِ عَقْلِكَ في حَشْدٍ يُبَاهِيهَا
وَاسْمَعْ تَرَاتِيلَ قُرْآنٍ ، يُرَدِّدُهُ
جِبْرِيلُ ، في مَوْكِبٍ أَثْرَى مَرَامِيهَا
وَاشْدُدْ إِزّارَكَ وَاحْييهَا عَلى قَدَمٍ
لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ ما فيها سَتُحْييهَا
— — —
قُمْهَا لَعَلَّكَ مَنْ يَحْظَىٰ بِلَيْلَتِهَا
فَتَرْبَحُ التَّاجَ وَارْتَعْ في مَرَاعِيهَا
وَانْعِمْ مَعَ الْحُورِ في أَنْوَارِ جَنَّتِهِ
وَانْظُرْ لِدُنْيَاكَ هَلْ يَدْنُوكَ حَاوِيهَا ?
شَتَّانَ بَيْنكُمَا وَاعْلَمْ بِأَنَّ لَهُ
دَارَ الْغُرُورِ ، خَرَابُ الدَّهْرِ بَانِيها
وَأَنْتَ تَسْكُنُ في أُخْرَى ، دَعَائِمُهَا
خُلْدٌ ، نَعِيمٌ فَلا مَوْتٌ يُدَانِيهَا
— — —
قُمْهَا صَلَاةً وَتَسْبِيحًا وَأَدْعِيَةً وَاطْلُبْ مِنَ اللّٰهِ أَنْ يُعْطِيكَ ما فِيها
فَإنَّ فِيهَا بِما يُغْنِيكَ عَن نَّظَرٍ
إلى سِوَاهَا وَلَا يَعْدُوكَ حَادِيهَا
وَاجْعَلْ دُعَاءَكَ مَوْصُولًا لِمَنْ غَمَضَتْ
عَيْنَاهُ ، مِنْ تَعَبِ الدُّنْيَا لِيُحْييهَا
قَدْ هَدَّهُ مَرَضٌ أَوْ عَابَهُ دَرَنٌ
في خَافِقَيْهِ ، فَلَمْ يَلْحَقْ بِسَاعِيهَا
وَاشْرِكْ أَبَاكَ بِمَا تَدْعُو بِلَيْلَتِهَا
وَأُمَّكَ الذَّهَبَ الْمَسْبُوكَ أَعْنِيهَا
وَمَنْ تَعُولُ ، وَمَنْ حَطَّتْ خَطِيئَتُهُ
عَنْ اللِّحَاقِ ، لَعَلَّ اللّٰهَ يَمْحِيهَا
وَاشْرِكْ بِهَا وَطَنًا شَبَّتْ مَعَالِمُهُ
نَارًا وَمَا زَالَ تَوَاقًا لِمَاضِيهَا
وَفَجَّرَتْهُ على مَرْأَى بِنَازِلَةٍ
حَمْقَى وَ مَاانْفَكَّ في صَمْتٍ يُلَاقِيهَا
يَالَيْلَةَ الْقَدْرِِ عُودِي في مَرَابِعِنَا
فَنَحْنُ مَنْ عَلَّمَ الدُّنْيَا مَعَانِيهَا
وَوَحِّدِينا على حَرْفٍ لِيَجْمَعَنَا
كَالنَّحْلِ مَمْلَكَةً مَا ضَلَّ حَادِيها
————————————————
معاني الكلمات
…………………..
(1) التاج : إكليل من الذَّهَب أَو الجواهر يُوضَع على رؤوس المُلوك، وليلة القدر هي تاج الليالي وسنام الأيّام .
الرُّوح :جبريل عليه السلام.
مارد : طاغية ، قاهر .
الطَّسْتُ : إِناءٌ كبيرٌ مستديرٌ من نحاس أَو نحوه.
مرابط : ملازم المكان
إزار : ثوبٌ يحيط بالنِّصف الأسفل من البدن
الحُورُ: جمع حَوْراء نساء الجنّة.
الدَّرَن : الوَسَخ.
خافقيه : قلبه ولسانه.
حَطَّ : نَزَلَ
الخطيئة: ما عَظُمَ مِن الذَّنب.
نازلة: مصيبة شديدة
حَمقى : جمع أحمق وتعني:قليل العقل او فاسده.
تعليقات
إرسال تعليق