على ضفافِ القلق
محمد حسام الدين دويدري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عانفتُ تُرْبَكَ مُغرَمَاً أتَوَسّدُ=وأريق دمعي في الظلامِ وأسْجُدُُ
مُسْتَودِعَاً عندَ الرحيمِ شِكَايَتي=فهو المُعِيثُ المُستَجارُ الأوحَدُ
أبكيكَ يا وطناً غَدَوتُ بأرضهِ=غُصناً نَحيلاً ذابلاً لا يُسعَدُ
تَكسو المَواجِعُ في الدُجى جِسمي فلا=ألقى طَبيباً للمواجعِ يُنْجِدُ
فالكُلُّ في أرضِ المَوَاقِدِ تَائِهٌ=يَبْتَاعُ مِنْ نَبْعِ الصَدى وَيُبَدِّدُ
ويُرِيقُ في بِئرِ النَدَامَةِ عُمرَهُ=يَبكي لِقَهرٍ جَامِحٍ لا يَرشُدُ
* * *
وجَلستُ في الظلماءِ أبحثُ جاهِداً=عَنْ بَسمةٍ بينَ الثَرى تترمَّدُ
وأصيحُ يا ربّاه غوثكَ إنني=ماعُدتُ أحتملُ الذي لا يُحمَدُ
فالصبرُ ضاقَ ولَمْ تَعُدْ بي طاقةٌ=واليأسُ حاصرَ مَورِدي يَستَأسِدُ
فالنارُ تَلفَحُ في الصباحِ وُجُودَنا=وإذا ادْلَهَمَّتْ ليلتي لا أَرقُدُ
تَجتَرُّني الآلامُ, تُوقِدُ صَحوتي=فَتَثُورُ فيَّ مَشَاهِدٌ تتمرّدُ
لأرى على الأشلاء نَجوى طِفلَةٍ=تبكي على جَسَدٍ بدا يتمَدَّدُ
وتَصيحُ: "يا أماه...؛ أين تركتِني=بينَ الذئابِ بعالمٍ يُستعبَدُ...؟!
هيّا انهضي...ّ!!، لا تتركيني... إنني=أمسَيتُ في جَفن الرَدى أتشرّدُ"
ومَضَتْ تُهَروِلُ كي تَلُوذَ بحائطٍِ=مُتَهَالِكٍ بِظِلالِهِ تَسَتنْجِدُُ
تَجتاَحُها الأمطارُ عندَ مَسيلِها=ويَلُوكُها بَردٌ بَدا يَتَوَعََّدُ
حتى إذا ما انزاحَ ليلٌ قارِسٌٌ=سارتْ إلى دَربِ الهوان تُرَدِّدُ
يا أمّةَ الإحسانِ بِتُّ يَتيمة=بَين الجياعِ على الثَرى أتَكَبّدُ
هل مِنْ مُغِيثٍ أستغيثُ بِجُودِهِ=أومِنْ مُجِيرٍ في المُلِمَّةِ يُقصَدُ
هل وارث "الفاروق" وهمٌ خالصٌ=أم جَهلُكُمْ بالعلمِ بابٌ موصَدُ
وأفقتُ في صحوي أُرَدِّدُ قَولَهَا=واحسرنتاه...، فَحِسُّنا يتبلّدُ
الجار في الظلماء يَسرِقُ جارَهُ=ويَسومُه سُوءَ القذى ويُنكّد
حتى الشقيق أباح ظلمَ شقيقه=والزوجُ يَظلمُ زوجَهُ ويُعَربِدُ
ما قيمة الميثاق عند مواقفٍ=فيها "الأنا" متضخمٌ مُتَوقّدُ
هذا يتاجر في الصَباحِ بِخُبزِنا=فيَزيد في هَدرِ الحُقُوقِ ويَجحدُ
وترى من الربع الدنيء حثالةً=تسطو وتَقتُنلُ حَيثُما تَتَصَيّدُ
يا أمة الأخلاقِ أينَ وَصَلتُمُ=هل يُجتبَى في النار ذاك المقعدُ...؟!
عودوا إلى تقوى القلوبِ ورشدها=ودَعوا الجهالة للذي يَتعمّدُ
فالجَهلُ عَمداً سَوفَ يُفضي للضنا=حيث الخِتام المستهانُ الأربَدُ
في النار يُكتَبُ في العذاب مخلّداً=يَرجو الخلاصَ بنيل موتٍ يُقصَدُ
ويصيح: "إني لن أعود مكذِّباً"=فاتَ الأوانُ وحان ذاكَ المَوعِدُ
حيث التَقِيُّ إلى الثَوابِ مُخَلّدٌ=أما الشقيّ فلا يُغَاثُ ويُطرَدُ
يا أمة القلبِ الرحيمِ متى نرى=َوْداً إلى الهدي الرحيم يؤَكََّدُ...؟!
نبني على الأخلاق سور وجودنا=ونُعيدُ مجداً في مداه السُؤددُ
فيه السماحةُ والعدالةُ والتقى=ورقابةُ الرحمن نِعمَ المورد
أطبقت جفني هانئاً في لحظةٍ=وبدأت أحلم بالفلاح وأنشدُ
وأريح نفسي بالصلاة على النبي=-صلى عليه الله ما ارتفعت يدُ
.........................................
الأربعاء 12/12/2012
من مجموعة: على ضفافِ القلق
تعليقات
إرسال تعليق